فرع حماية المال العام بالجنوب يطالب بالتحقيق في ملايير صرفت على الأقاليم الجنوبية

ما تزال وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأقاليم الجنوبية مثار العديد من الجدل والمسائلة، فبعد قرار رئيس الحكومة القاضي بإعفاء مديرها قبل شهرين ونقل مقرها من الرباط إلى العيون، خصصت الجمعية المغربية لحماية المال العام تقريرا مفصلا عن وضعية هذه الوكالة، مطالبة بفتح تحقيق عميق حول مشاريع صرفت فيها ملايير الدراهم، مرورا عليها، دون أن تخرج للوجود.
وقالت الهيئة الحقوقية إن الوكالة، التي تعد مؤسسة عمومية ورسمية تبقى الأكثر تدبيرا للمال العام بالأقاليم الصحراوية، مقابل أنها بقيت عن منأى “من أية محاسبة أو افتحاص عميق لأوجه صرف المال العام.. ما عدا تقرير غير شامل للمجلس الأعلى للحسابات”، في إشارة إلى التقرير الصادر عام 2011 “الذي لم يشمل اختلالات عرفتها باقي الولايات والجهات الترابية الثلاث التي يشملها النفوذ الإداري للوكالة.. ما يجعل التقرير غير مكتمل”.
وتتساءل الجمعية، في رسالة لها موجهة لوزير العدل والحريات، عن مصير أزيد من 7 ملايير درهم، الغلاف المالي الذي رصد للوكالة ما بين 2004 و2008 من أجل تفعيل مخطط تنموي، يعتمد على مقاربات تنموية جديدة، “تتأسس على مراعاة الخصوصيات المحلية و القرب والتنسيق بين تدخلات الفاعلين وإنعاش الشركات المنتجة”.
الاختلالات المالية والقانونية التي طالت الوكالة، وفق تقرير الهيئة الحقوقية، شملت صفقات بناء عدد من المرفقات، والتي تجاوزت 400 مليون درهم، إلى جانب دعم الجمعيات المحلية، التي اتخذت عنوان مشاريع القرب، الذي رصد له غلاف مالي بلغ 165.24 مليون درهم خلال الفترة الممتدة بين 2006 و 2011، فيما أكد المصدر ذاته أن ميزانية الوكالة، المشكلة من إعانات الدولة انتقلت من 276.06 مليون درهم سنة 2006 إلى 314.72 مليون درهم عام 2011.
في السياق ذاته، استندت وثيقة الجمعية على تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي خلص إلى فشل النموذج التنموي بالصحراء لعوامل “سيادة الفساد والريع والامتيازات في العلاقات الاجتماعية بالصحراء المغربية”، حيث شددت على ضرورة القطيعة مع هذه الأخيرة لغرض كسب رهان التنمية بالأقاليم الجنوبية ورهان القضية الوطنية.
وطالبت الجمعية المغربية لحماية المال العام من وزير العدل والحريات التدخل في شأن عمل وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالأقاليم الجنوبية وإصدار تعليماته إلى الشرطة القضائية المختصة من أجل القيام بالتحريات والأبحاث للكشف عن وضعيتها المالية، بما في ذلك حجز كافة الوثائق والمستندات والاستماع مدير الوكالة و مسؤولي المقاولات ومكاتب الدراسة والهندسة والخبرة و الجمعيات التي استفادت من المنح المقدمة من طرف الوكالة.
ورصدت الجمعية ما قالت عنه اختلالات طالت عمل المؤسسة المذكورة، منها عدد من المشاريع المنجزة من طرفها التي تبقى دون استغلال بعد اكتمال الأشغال بها أو لم يتم الانتهاء من أشغال بنائها في وقتها المحدد “دون أن تتم مساءلة المقاولات المنجزة للمشاريع عن عدم احترام تلك الآجال ولا استخلاص غرامات التأخير.. بل يتم مكافأتها بمنحها صفقات أخرى”.
وأورد المصدر ذاته ضياع ملايين الدراهم التي رصدت لمشاريع منذ 2010 ولم يتم استغلالها لحدود الساعة، بلغن في مجملها أزيد من 400 مليون درهم، مثل تشييد قاعة مغطاة متعددة الاختصاصات الرياضية في العيون، بمبلغ إجمالي حدد في 12 مليون درهم، “بلغت مساهمة الوكالة ما مجوعه 5,5 مليون درهم وأنجزت الأشغال.. كانت ولاية العيون هي صاحبة المشروع المنتدب وقد تم الانتهاء من إنجاز المشروع بتاريخ 15 يونيو 2010 ولم يتم استغلاله لحدود الآن”.
وهو المآل ذاته لمشاريع أخرى مثل إنشاء محطة طرقية في بوجدور بشراكة الإقليم بمبلغ إجمالي وصل إلى 12 مليون درهم، “بلغت مساهمة الوكالة 5,3 مليون درهم ورغم أن المشروع تم إنجازه وتسليمه للمعنيين بالأمر منذ تاريخ 26/2/2009 إلا أنه هو الآخر لم يستغل بعد”، وكذا مشروع بناء فضاء الجمعيات ببوجدور (3 ملايين درهم) ومشروع بناء مسبح بلدي بالمدينة (108 مليون درهم) ، وبناء سوق بلدي مغطى بالداخلة (18 مليون درهم) ومشروع المحطة الطرقية بها (108 مليون درهم).. إلى جانب مشروع تجهيز المعهد الموسيقي (128.5 مليون درهم).
وأضافت الجمعية أن هناك العديد من المشاريع التي أنجزت بتكلفة مالية باهظة “دون أن يتم استغلالها”، وهو الأمر الذي يتنافى مع “الهدف من إنشائها كمرافق عمومية لتلبية حاجيات وانتظارات المواطنين بأقاليمنا الصحراوية”، مضيفة أن الأمر يؤشر على “غياب أية إستراتيجية وتصور واضح لعمل وكالة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لأقاليمنا الجنوبية”.
وسجلت الجمعية المغربية لحماية المال العام غياب عملية التقييم في استراتيجية الوكالة، مستندة في ذلك على الوضعيات المحاسبية والتقارير المنجزة من طرف الوكالة، التي تفيد أن “تدخلات هذه الأخيرة يتم قياسها اعتمادا على الكلفة المالية للمشاريع وللنفقات التي خصصت لها”، مع أن قياس حسن الأداء “لا يمكن أن يتم إلا من خلال رصد آثار التكلفة والنفقات المنجزة”.
طارق بنهدا

11 فبراير,2015

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *