خربشات حول الانتخابات بالمغرب والسباق نحو قبلة الموت السياسي

ينشغل الكثير من الفاعلين السياسيين محليا ووطنيا بموضوع الانتخابات، ويبدو لي أن النقاش في هذا الشأن نقاش عقيم، غير انه من الضروري لفت الانتباه إلى الكثير من الظواهر التي تحف المشهد الانتخابي بالوطن للتسلية فقط وليس بغية نشر اكتشاف جديد.
إن المتعطشين لتسيير الشأن المحلي و الوطني نوعان:
نوع يريد خوض غمار المغامرة عن جهل. و نوع له دراية و خبرة. فالأول يشبه ملاحا يبحر لأول مرة فإما يصل بالسفينة إلى بر النجاة وينجح، ليجد في استقباله مهندسو الداخلية من قياد و باشاوات و عمال وولاة يعلمونه ما لم يعلم، فلا يضيف للمشهد السياسي شيئا غير أن ينعت من القريب و البعيد بكونه تاجر انتخابات.
والنوع الثاني ينطلق بسفينته وفي وداعه أولئك الذين يستقبلون النوع الأول، و ينتظرون عودته بسلام كالعادة، لأنه ملاح يتقن المهنة ويتوفر على معدات و تجهيزات و خرائط، بل و مساعدين محترفين لمهنة الصيد، وغالبا ما يكونون من أعوان السلطة و عرابي الأحياء المتوسطة الفقر أو الفقيرة أو المهمشة، من قوادات و مجهزي الأعراس و حفلات العزاء.
نجاح الأول رهين بما سيفعله مساعدو الثاني، فان أتقنوا عملهم تجاه الزبناء، وأحسنوا استخدام الذكريات و تهييج العواطف، فلن يكون للأول نصيب في النجاح، لان سفينته ستصطدم بجبال الجليد الغير المرئية العائمة في المحيط، تماما كما حدث لقبطان التيتانيك في السالف من الأيام. أما إن وزعوا الطعم في لجج اليم على سمك جائع و بلا شباك توقع بالصيد، أو وزعوا التبن في الرحبة دون وضع حواجز و كلاب لضبط القطيع فسينجح الأول. إلا أن المستقبلين للغر الجديد ستكون أمامهم مهام صعبة، تتمثل في عجنه ووضعه في قوالب المخزن الجاهزة، فيتحول إلى طبال وسط الجوقة أو ببغاء يتقن لوك لغة من يلعبون بحبال صوته خلف الستار.
انه مشهد يثير الاشمئزاز و الدوار والغثيان، لكنه في الوقت نفسه لا يقلق صانعي القرار و مهندسي رقعة الانتخابات، تماما كما الطبيب الذي لا يقلقه براز أو هلوسات المريض في قاعة الإنعاش، لأنه دليل على حياة الجسد المنخور، والذي يفتح شهية الطبيب الجزار، و يرغبه في اموال فاتورة سمينة أكثر من رغبته في حياة الجسد المتهالك.
إن المخزن هو الطبيب و هو ذلك الحشد من المستقبلين و هو ذلك اللاعب بالحبال الصوتية و هو مساعدو الانتخابات.
فأينما وليت وجهك في المعركة الانتخابية تجد وجهه البشع، وفمه المزين بقواطع من ذهب وفضة لا تصدأ ولا تنخرها سوسة الزمان. فإياك أيها الغر من تقبيل ذلك الفم، وإياك من توهم نصر مزيف.
في خربشات قادمة سأشرح لكم طبيعة البالغين سن التصويت و هم بالمناسبة ثلاثة أنواع و ليس نوعان كما المرشحين……

10 أغسطس,2015

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *