“العدالةوالتنمية” ولعبة التراجعات لعبة هدفها البقاء في المشهد السياسي المغربي

عن محمد سرحان

يحاول حزب “العدالة” أن يخفي عن الناخبين كيف امتص موجة الربيع العربي، فيظهر نفسه بمظهر الوَرِع سياسياً وكيف أمكنه -بفضل حنكة كوادره- تعطيل المؤامرة الآتية من الشرق، وهو بذلك يكذب نهاراً جهاراً، وكأننا نجهل دور وذكاء الدولة العميقة في إدارة الأزمات وحلحلتها، وهو أمر إيجابي بالمناسبة وتحمد عليه هذه الجهات رغم عدم علنيتها، فلولا تدخلها المحايث لقضايا شائكة، لكان المغرب في خبر كان، فلا الأحزاب ولا الجمعيات ولا رواد الانترنيت… قادرين على تذويب الأخطار وحلحلتها كما تفعل هذه التنظيمات المحكمة، لكن أن يقفز الحزب المشهور بالاستخدام الواحد “جوتابل” ويدعي أنه من منع الخطر عن المغرب، فذاك إما تشويش على الدوائر التي تتجاوزه، وإما تشويش على وعي البسطاء من المواطنين، ألم يكن مطلب الشعب حكومة برلمانية في عز الأزمة لا إسقاط النظام، أثم ألم يقل جلالة الملك أنذاك “وصلت الرسالة”، فمن أين لهم بحل المشكل، اللهم أنهم استعمِلوا كوسائل لحله، نظراً لما يدعونه من مرجعية اسلامية -والتي سينكرونها فيما بعد- فالمغاربة عرف عنهم تعطشهم للتغيير، وإذا امتزج هذا التغيير بطعم اسلامي سيكون مثالياً وعاملاً مهماً في الحلحلة، وهو ما اتفق عليه كوادر “العدالة” بالفعل، حيث يتقلد هذا الحزب الدور القذر، من خلال الكذب على الناس وتقديم وعود بإنشاء دولة اسلامية مثالية على غرار الدولة الفاضلة –وهي الدولة الممتنعة حقيقة بعلم مهندسي القرارات السياسية للعدالة والتنمية أنفسهم – هذا الدور المُنكَر رافقته مغالطة أخرى سيقدمها حزب “العدالة” هدية لإبداء حسن نيته وحث الدوائر الكبرى لإبقائه في المشهد، وتجاوز ما اتفق عليه كحزب “جوتابل”، فكانت الهدية أن تتنصل “العدالة” من منطلقات الحكم الجديدة التي يضمنها دستور الاصلاح الجديد، من خلال ممارسة رئيس الحكومة لسلطته في إفشال سلطته وتعطيلها، حيث تنازل سي بن كيران عن صلاحياته طوعاً ودون أن يطلب أحد منه ذلك، تقرباً لمراكز القرار الحقيقية كما سبق ذكره، وهذا الأمر يذكرنا برفض بعض القاصرين لرفع القصور عنهم ولو كان الحاكم متنوراً، كما يطالعنا بذلك كانط في نصه الشهير المؤسس للحداثة الغربية “ما التنوير”، أليس عيباً أن يقصد جلالة الملك الاصلاح من خلال توسيع صلاحيات الحكومة، ويتفضل علينا حزب براغماتي نفعي برفضها نيابة عن الشعب، أوليس عيباً بعد هذه الفضيحة ألا يستطيع رئيس الحكومة توقيف بث فعاليات موازين أو حتى محاسبة المشرفين عليها، بل يكتفي بالشجب والايماء بطرف عينه أن المسؤول هو صاحب الجلالة، لا سيدي صلاحياتكم التي يخولها لكم الدستور الجديد تحاسبكم أنتم، أما صاحب الجلالة فالدستور الجديد يبرئه، إذ لا علاقة له بالامر، فلا تتحججوا بـ”الرعاية السامية” فهناك أحداث أخرى سحبتم عنها هذه الرعاية وقمتم بنسبتها لأنفسكم، فهل بعد هذه المغالطة من مغالطة، لا يعقل أنكم تعيشون في أوهام أكل عليها الدهر وشرب، مغرب القرن الواحد والعشرين ليس هو مغرب الأجداد وأبائهم، أن تدخلوا الساحة السياسية مرحباً بكم، لكن أن تتاجروا بلعب الدور القذر، فقد نزلتم منزلاً لا تحسدون عليه.

21 أغسطس,2015

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *