نزيف بالكدش بالجديدة واستقالات جماعية من النقابة الوطنية للتعليم

عقد المستقيلون من المكاتب النقابية بكل من الجديدة و سيدي اسماعيل و أزمور ليلة الإثنين 28 ماي 2018 ندوة صحفية لتسليط الضوء على الأسباب الحقيقية التي كانت وراء إقدامهم على هذه الخطوة حيث وجهوا بلاغا توضيحيا، عبارة عن نداء، إلى أعضاء المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم هذا نصه في انتظار نشر التسجيل الكامل بالصورة و الصوت لهذه الندوة الصحفية :
إلى الإخوة في المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم
ك د ش
تحية نضالية وبعد،
بكل صراحة إننا في المكاتب النقابية بكل من الجديدة وسيدي إسماعيل و آزمور، لا يمكننا أن نصور لكم تأثرنا و أسفنا البليغين ونحن نحرر هذه الاستقالة، إذ ما كنا نظن أنه سيأتي يوم نتخذ فيه مثل هذا القرار لما كان لنا من ارتباط وجداني عميق بالكونفدرالية الديمقراطية للشغل والنقابة الوطنية للتعليم ومناضليها الشرفاء، بحيث لم نختر تنظيما آخر قط لما كان يميز منظمتنا من ديمقراطية، ونظرا لارتباطها بالمطالب العادلة والمشروعة للطبقة العاملة و بمشروعها المجتمعي، وما عهدناه سابقا من اتساع المجال للإفصاح عن الآراء والحوار البناء.
لكن وبعد تضييق الخناق في هذا المجال، وبعد تراكم مجموعة من المشاكل التنظيمية كان للمكتب الوطني حصة الأسد فيها وأخرى مرتبطة بالممارسات الشخصية للكاتب الإقليمي “المعين” والتي تسيء في مجملها للعمل النقابي وسمعة النقابة الوطنية للتعليم، وفي استشراء تام ومطبق للبيروقراطية، وبعد التأكد، بما لامجال فيه للشك، من نية الإقصاء وعدم الحياد ومحاباة الموالين لتنظيم سياسي في محاولة للاستقواء بالنقابة والاستحواذ النهائي عليها. بعد كل هذا، وجدنا أنفسنا، وبعد تفكير عميق، مضطرين لتقديم استقالتنا من النقابة نظرا للاعتبارات التالية:
منذ الولاية السابقة، أصر المكتب الوطني على ضرب مبدأ الديمقراطية بل كبر على ذبحها بفرض عناصر وإعادة أخرى إلى الجهاز الإقليمي ضدا على قرارات مجلس إقليمي ديمقراطي. بل ذهب أبعد من ذلك وأسرع في البث والجواب كتابة في طعن قدمه فرع في عضوية مناضل في فرع آخر، ونزل بكل ثقله وبسرعة البرق عبر مراسلة مكتوبة ومختومة مهينة لأعلى جهاز تقريري إقليميا بقبول الطعن المقدم وإعادة العنصر المطرود بعدما احتمى بتنظيم سياسي يحاول الهيمنة على النقابة وجعلها ذيلية، هذا العنصر المطرود لم يكن سوى الكاتب الإقليمي الحالي المعين، وهذا ما يبين ويؤكد النية المبيتة لبسط النفوذ والإقصاء والتآمر والتحامل للوصول إلى الهدف دوسا على الآليات التنظيمية وتنصيب كل من يطبلون و يصدحون بالولاء التام للقيادة الوطنية ضدا على إرادة القواعد.
جاءت محطة اللجان الثنائية يونيو 2015 لتميط اللثام وتكشف عورة الانتهازية، إذ مرة أخرى، أصرت البيروقراطية الوطنية و بإلحاح، و ضدا على إرادة الجميع، ودون مراعاة لأية أخلاق نضالية، ورغم التهديد باستقالات، عمل المنسق الجهوي لجهة الدار البيضاء سطات على فرض رأس اللائحة من خارج الترتيب المقدم إليها من طرف المكتب الإقليمي، مما عجل باستقالة الكاتب الإقليمي(ازوين)، إلا أنه استحضارا لمصلحة النقابة الوطنية للتعليم أولا، و للظرفية وحيثيات المرحلة و بضغط و إلحاح من الرفاق تم التراجع عنها وانخرط الجميع في التعبئة للمعركة وكانت النتائج مؤشرا حقيقيا على العمل الدؤوب ونبل الأخلاق.
بعدما تيقن المكتب الوطني وبعض مريديه على المستوى المحلي من ثبات ورصانة مبادئنا ضد كل أشكال الفساد والريع النقابي، أيقنوا ألا مجال للاختراق سوى نهج أساليب البلطجة والمكر والخداع فاطلقوا العنان لبلطجيتهم على المناضلات والمناضلين الشرفاء و منخرطات و منخرطي التنظيم، بلطجية وصلت حد الطعن في شرف المناضلات والمناضلين في اجتماعات مسؤولة أمام مرأى وعلى مسمع المكتب الوطني المشرف. وقد رفعت تقارير مكتوبة في هذا الشأن إلى الأجهزة الوطنية، إلا أن المكتب الوطني أبى إلا أن ينهج سياسة صم الآذان مباركة لمثل هذه الممارسات، ما دام كل شيء يؤدي إلى الهدف والمبتغى. وبعد مراسلات المكتب الإقليمي ومراسلة الفروع المعنية وشكايات المتضررات والمتضررين من هذه البلطجية، وبعد طول انتظار دون تحرك يذكر، أيقن الجميع بأن هذه الممارسات لم تكن بريئة بل لها رب يحميها، وأنها مشروع متكامل الأركان.
مرة أخرى بعيدا عن أي إعمال للقوانين والمقررات التنظيمية للنقابة وفي خرق سافر لها، أقدم المكتب الوطني على تنصيب مكتب إقليمي ضدا على إرادة الفروع الثلاثة في انتهاك صارخ وواضح للديمقراطية الداخلية، بالتكتم عن تاريخ ومكان التجديد بحيث تم تجديد فرعين بدون أعضاء لجنة المؤسسة وتم النفخ في عدد أعضائها ضدا على المذكرة الداخلية المنظمة لعملية التجديد، كما تم تجديد فرع آخر وبعض مناضليه منهمكين بمؤتمرهم الوطني في خرق سافر للأخلاق النضالية، وذلك في خطوة استباقية لرسم خريطة المجلس الإقليمي و إفساح المجال للموالين لهم للاستفراد بمكاتب الفروع النقابية والتجييش لمحطة المجلس الإقليمي. هذه الممارسات عجلت واضطرت الكاتب الإقليمي السابق لتقديم استقالته من جديد ومعه بدأ النزيف الداخلي، وما أثار الاستغراب هو صمت المكتب الوطني في إشارة واضحة لمباركة التصرفات الرعناء وحماية محظوظيه. ورغم الطعون المقدمة من طرف الفروع الثلاثة في عملية تجديد الفروع والمكتب الإقليمي لما شابها من خروقات واضحة للقوانين التنظيمية والمذكرة الداخلية، والتي لم تحظ بشرف البث فيها والإجابة عليها إلى حدود الآن، قاطعنا عملية تجديد المكتب الإقليمي احتجاجا على عدم حياد المكتب الوطني في التعاطي مع مراسلات الفروع وقضايا نساء ورجال التعليم.
لم يقف الأمر عند هذا الحد بل حرك المكتب الوطني آلياته الخفية بسرعة مفرطة تحت يافطة ما يسمى لجنة التنظيم للبث في طعن زائف وغير مؤسس في فرع سيدي اسماعيل تقدم به أتباعهم وتم تشكيل لجنة للتدخل لضمان النصاب القانوني وضمان الأغلبية في المجلس الإقليمي للموالين.، إلا أن خبر هذه اللجنة شاع وأثار ضجة وبلبلة بين أعضاء المكتب الوطني و خصوصا أن المشرف على تجديد هذا الفرع يشهد له بالكفاءة والنزاهة ومحسوب على تنظيم سياسي آخر لمكونات فدرالية اليسار.
بالرزانة المعهودة، وحفاظا على التنظيم التزمنا الحياد في التعامل مع المكتب الإقليمي المعين في انتظار رد المكتب الوطني على مراسلاتنا الشيء الذي لم يتم إلى حد كتابة هذه السطور، رغم المضايقات التي نتعرض لها المباشرة منها وغير المباشرة من طرف الكاتب الإقليمي سواء في علاقتنا بمصالح المديرية أو المنخرطين والمتمثلة في الهجوم الشرس بكل الأساليب وعبر جميع الوسائل المتاحة من دعاية مغرضة وكتابات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، هذه الأساليب أقل ما يمكن أن ننعتها بها أنها دنيئة وذلك للنيل من شرف المناضلات والمناضلين ولا يمكن لأي مناضل شريف أن يرضاها لتنظيم من حجم منظمتنا.
وفي محاولة مفضوحة و بسرعته المعهودة استجاب المكتب الوطني لمناصريه بناء على مراسلة الكاتب الإقليمي المعين، وأرسل لجنة من المكتب الوطني بتاريخ 09 مارس 2018، مما يؤكد عدم حياد المكتب الوطني في الاستجابة لمراسلات البعض وإهمال وإغفال أخرى رغم أهميتها وأحقيتها.
وخلال اللقاء تبين لنا بما لا مجال فيه للشك، أن هناك ازدواجية في الخطاب وفي التعامل مع المناضلين، وأن اللقاء مجرد در الرماد في العيون، واقتنعنا أن النقابة حادت عن نهجها السليم في ارتباطها مع الشغيلة التعليمية، وأن الإبقاء على أشخاص تنعدم فيهم الخصال والأخلاق النضالية إنما في خدمة القيادة الوطنية ومصالح مسؤوليها المحليين الطيعين والطائعين بعيدا على مصالح وأهداف نساء ورجال التعليم ولو عبر صفقات مشبوهة تدميرية. ومن بين ما يوضح بجلاء هذا الطرح الانتقائية في التعامل مع قضايا نساء ورجال التعليم، وهو ما صرحت به لجنة المكتب الوطني بأن هذا الأخير هو من تحرك ونزل بثقله لاستصدار مراسلة تنقيل زوجات الإداريين داخل نفس الإقليم على غرار زوجات رجال السلطة، وماكان ليكون ذلك إلا إرضاء لبعض الموالين جزاء لهم على ضمان الولاء رغم ما كتب وقيل محليا وجهويا وصل حد إصدار تنظيمات في الإقليم والجهة بيانات تنديدية بممارسات نقابتنا خصوصا أن المراسلة همت إقليم الجديدة فقط دون غيره في ربوع الوطن. وقد سبق وراسلنا الأجهزة الوطنية في هذا الشأن احتجاجا على هذه المهزلة التي أضرت النقابة أكثر مما خدمتها.
وبهكذا ممارسات داخلية مشينة متمثلة في كون القيادة الوطنية عوض أن تنكب على القضايا الكبرى والمشروع المجتمعي الكبير أصبحت تحشر نفسها في خدمة أشخاص دون غيرهم، وبالتالي القيادة الوطنية هي من تقرر هندسة الفروع وتنصيب من يواليها لتحمل المسؤولية وطنيا وجهويا وإقليميا ومحليا ضمانا لاستمراريتها، وحتى لا تنفلت النقابة من يد تنظيم سياسي مهيمن. إضافة إلى هذا هناك ممارسات أخرى لم نشهد لها مثيل تستهدف من ورائها إفراغ النقابة من محتواها ومن أطرها وشرفائها ومن الهدف النبيل الذي أنشئت من أجله وذلك بعدم التفاعل مع قضايا ومطالب القواعد ومع الحركة الديمقراطية والتأسيس لثقافة جديدة مفادها اعتبار النقابة مدرسة للتربية على اللاديمقراطية و الانتهازية، والأخطر من هذا وذاك تكريس ثقافة التبعية الحزبية الضيقة في ضرب واضح وصريح لمبدأ الاستقلالية.
يحز في أنفسنا أن نرى مبادئ منظمة عتيدة تخرق وتحرق من أجل مواقف ومصالح شخصية وموالاة حزبية تروم الاستقواء، بمقابل أشكال الريع النقابي المقدمة لبعض المحظوظين والموالين للقيادة النقابية، تدوس هذه الأخيرة على كل القوانين التنظيمية في جميع المناسبات ولا تضع نصب أعينها سوى مصلحتها المتمثلة في البقاء والاستمرار في التمتع بالعديد من الامتيازات على حساب المناضلين الشرفاء و الذين ما بدلوا تبديلا.
صحيح أنه عندما تسود الممارسة البيروقراطية يصير كل شيء مباحا للاستفادة من الريع النقابي الذي صدحت ضده حناجر القواعد في الإقليم دون أن تستحي القيادة الوطنية وتتدخل للتخفيف من الأزمة في محاولة لاسترجاع بعض ماء وجه التنظيم.
سيكون من الحشو تكرار خرق القوانين التنظيمية من طرف القيادة الوطنية، لكن درجة وحدة ذلك تفرض علينا الإعادة والتكرار. فالقوانين عندها مجرد آليات في يدها تحركها و تسخرها متى تشاء وضد من تشاء في غياب تام لمفهوم النقابة المؤسسة، والدليل، وكما سبق سرده، خرقها المتوالي والمضطرد في تعيين مكتب إقليمي صوري مطعون في شرعيته من مجلس إقليمي مفبرك بتوقيعات مزورة وحاضرين لا صفة لهم وآخرين غير شرعيين بحكم تقديم طعن في الفرع الذي خول لهم صفة عضوية المجلس، كل هذا بعد تجييش ونفخ في عدد أعضاء مكاتب الفروع.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل وبمباركة وتزكية مفضوحتين لجأت القيادة الوطنية إلى إغراق مجموعة من الفروع عبر اللوبيات المحلية ببطاقات انخراط اعتبرناها في عدة مراسلات وعدة مناسبات بأنها غير قانونية مادامت لم تسلك القنوات التنظيمية، وذلك في محاولة استباقية لرسم خريطة مجالس الفروع المقبلة وإعادة تنصيب وتربع من يدورون في فلك القيادة الوطنية على رأس الأجهزة محليا وإقليميا.
إن مؤشرات وانعكاسات هذه الممارسات وهذا الوضع على مكانة وتمثيلية المنظمة إقليميا ظهرت بجلاء، في تدمر الشغيلة التعليمية وسخطها على نقابتنا.
إن خطوة مثل هذه ليست إلا صرخة لمناهضة كل أشكال العسف البيروقراطي ومحاولة لإيقاظ كل الضمائر الحية لوقف النزيف وتوطين ثقافة وحقيقة أن النقابة ملك للشغيلة التعليمية وإطار يتسع لكل التيارات النقابية ذات الحق في الإفصاح والدفاع عن آرائها، وأن النقابة ليست ملكا ولا ضيعة للقيادة النقابية المنفصلة والبعيدة كل البعد عن مطالب الشغيلة التعليمية العادلة والمشروعة، كما أنها ليست ارتكانا أو استسلاما لليأس والسلبية كما يراد الترويج له.
أمام هذا العبث التنظيمي وعدم حياد المكتب الوطني والممارسات الشخصية للكاتب الإقليمي المعين والاستفزازات المتكررة الصادرة عنه، وبعد معاناة وصبر لمدة طويلة، وفي ظل الهجرة الجماعية لمجموعة من المناضلين الشرفاء مقابل حماية زبانيتهم من طرف المكتب الوطني، وبعد الزيارة المتأخرة للجنة الوطنية بتاريخ 09 مارس 2018 والتي جاءت بناء على مراسلة للكاتب الإقليمي في وقت تجاهلت فيه طعون ومراسلات الفروع وبعد الاستماع لطرحنا و مقترحاتنا للخروج من المأزق، وطلب فرصة للتجاوب مع مقترحاتنا، وبعد طول انتظار وعدم التعاطي الإيجابي مع شكايات الفروع والمناضلين يؤسفنا أن نقدم استقالتنا من النقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل.

30 مايو,2018

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *