جماعة البيبان ارض تذبح و مواطن يهان

هل ستستفيد جماعة البيبان من صندوق التنمية القروية و الذي سيتسع هذه السنة ليتم عبره تنفيذ برنامج تقليص الفوارق في العالم القروي، بغلاف مالي يناهز 60 مليار درهم، أم أن المسؤولين كالمنبت عينهم فقط على ما تنبت الأرض ليهلكوا الزرع و النسل؟
لقد أضحت جماعة البيبان القروية وما جاورها منطقة منكوبة بفعل عوامل اللصوصية و التهميش، نفس الأمر ينسحب على الجماعات القروية المجاورة والتي تناهز 13 جماعة قروية تابعة لدائرة غفساي باقليم تاونات.
لقد اقتلعت التساقطات المطرية الأشجار و النبات، و جرفت السيول الطرق المعبدة المغشوشة، التي استغنى بصفقاتها مسئولو الدولة كما الجماعات. إذ تعرضت صناديق الجماعات القروية للنهب من طرف محترفي الانتخابات وناهبي المال العام، فسمنوا أرصدتهم البنكية ووسعوا دائرة املاكهم العقارية، فاشتروا الشقق وأنجزوا المشاريع التجارية بمدن الشمال و فاس و مكناس و البيضاء، وتركوا السكان يعانون من ويلات الفقر و جحيمه.
فقرية عين باردة مثلا كأكبر دوار بالإقليم، تموت عطشا كل صيف. و الأنكى أن المكتب الوطني للماء الغير الصالح للشرب بتاونات يتابع سكان القرية الفقراء باستخلاص الطاكس، رغم أن بيوتهم لا يصلها الماء باستثناء بيوت بعض المحضوضين الذين يسيرون الشأن المحلي.
نفس الحالة تعاني منها المدارس التي أغلق بعضها جراء تعرضها للتشقق و الانهيار، و بالتالي سيتكدس أبناء الدوار في مدرسة يتيمة تشهد أعلى نسب الاكتضاض في المغرب رغم أنها مبنية بمواد مسرطنة و محظورة منذ السبعينيات. وبما أن الشيء بالشيء يذكر فان سيارة للنقل المدرسي اختفت رغم أنها هبة من الدولة، ليبقى أبناء الفقراء بلا سيارة تنقلهم لمدارسهم البعيدة.
في نفس القرية أغلقت المساجد التي عجزت عن ترميمها أغنى الوزارات بالدولة، بل أن المجلس القروي لا يستطيع فعل أي شيء أمام تراكم الإهمال و التهميش الذي طال بيوتا يذكر فيها اسم الله.
لقد تحولت عين باردة من قرية يتخرج منها الفقهاء و حفظة القرءان إلى قرية يتخرج منها تجار الانتخابات ومغيري الدكاكين الحزبية في كل موسم انتخابوي كما تغير الأحذية النتنة، وإذا كان الناس في هذه القرية لا يجدون الماء الشروب و لا حتى أين تذبح شاتهم يوم الجمعة، أو طبيبا يكشف علتهم رغم وجود مستوصف آيل للسقوط و بدون تجهيز، فان سماسرة الريع الجمعوي والسياسي ارتأوا هذه المرة أن ينهبوا أراضي الجموع التي كانت ملاذ الفقراء لرعي غنمهم و دوابهم المنهكة بنقل الماء أو الحطب، و يستنبتوا فيها مشروعا بملايين السنتيمات. و إذا كانوا يعتبرونه فتحا و نجاحا عظيما، فإننا نعتبره ضحكا على المسؤولين بتاونات و استهزاءا بساكنة عين باردة، ففلاح بسيط من القرية يستطيع تشجير ضعف ما شجره أصحاب المشروع و بصفر درهم، وللمشككين أن يحدقوا في حقول عين باردة و تاريخها و محاصيلها التي قتلها الكيف و الجفاف.
إن مرتزقي العمل الجمعوي والسياسي لم يجدوا ما ينهبون هذه المرة غير الأراضي السلالية، التي وضعوا عليها مشروعا للاسترزاق و خلفوا ضحايا لعامل الإقليم بعدما اخبروه أنهم ينوون منعه من تدشين مشروعهم المزيف. ليحالوا في حالة اعتقال على القضاء بشكاية كيدية من طرف من نصب نفسه ضد الساكنة.
لقد أصبحت عين باردة أيضا ملجأ للباحثين عن الثروة بامتهان تدبير الشأن المحلي، بعدما أفلسوا في تدبير حقول الماريخوانا و بعض مشاريعهم البائسة، معتقدين أن جماعة البيبان هي مفتاح مغارة الكنز المنسي. وهنا لا بد من القول بأن الصراع الانتخابوي المحموم لم يكن يهدف في يوم من الأيام إلى خدمة الجماعة، بل هو صراع من اجل المصالح الشخصية و تسمين الأرصدة البنكية على حساب الدراويش و ابناء الجبل المغفلين.

2 نوفمبر,2015

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *